قيل للسفيه: بددت مالك و أضعت عيالك..
قال:" كيفي"..!
هذا هو الرد الذي نحصل عليه من معظم الناس عند إسداء النصح، أو التنبيه لخطأ أو عيب، بل و الأغلب يلقي عليك باللوم، و يسارع بتفنيد النصيحة بتعداد عيوبك و سلبياتك، ليقول لك في النهاية منتصرا : حتى أنت ..! أو: "شوف عمرك أول"، أو يعرض عنك معلنا حريته فيما يفعل و أنه لا شأن لك به، مما يجعل الكثير من الناس يحجم عن إسداء النصح للآخرين خوفا من تقريعهم و " لسانهم" و خوفا من اتهامهم له أو انتقاصهم من خُلُقه، مما أدى لانتشار الافات و تفلت السلوكيات بلا رقيب و لا حسيب، و كل يلقي باللوم على الزمن أو على تغير الاحوال و يترحم على أيام "أول"، و يكيل التهم لكل شيء ابتداء من الشباب و الفتيات مرورا بالمجتمع ووسائل الاعلام و انتهاء بالنظام العالمي الجديد !
وينسى الناس أنفسهم دائما حين يكيلون الاتهامات ، ولا يرون عيوبهم الواضحة حين ينتقصون الاخرين، مما يدفع " الاخرين" الى رد النصيحة و عدم قبولها، و ركوب مركب العناد، فيخسر الطرفان بالتالي.. الناصح و المنصوح !
و لو أن كل فرد تبصر بنفسه و عيوبها فأصلحها ، و انتبه انتباه المشفق للآخرين و حاول اصلاحهم و ردهم لجادة الصواب، و تحمل ردة فعلهم مهما كانت،، و تحمل ما ينصحه به الاخرون بسعة صدر و طيب خاطر و نظر ووعى، لعل ما يقولونه حقا، لتخلصنا من الكثير من السلوكيات المتردية ولأصلحنا الكثير من الخلل، ذلك أن كثيرا من الناس لا يريد بالنصيحة "وجه الله" كما يقول ، بل يريد بها شيئا ما في نفسه، ناسيا أو متناسيا أن النصيحة في جماعة.. فضيحة.
و بعضهم لا يدفعه الإشفاق، بل التشفي أو السخرية او حتى النقد لمجرد الانتقاص، و بعضهم حتى لا يعرف أدب النصح، فينهر و يزجر و يوبخ بدل أن يتلطف و يرفق، فيناله ما يناله.
لذلك وجب علينا أن نترفق بالنصيحة، وأن نتجنب فضح الآخرين، و أن نتحرى الاسلوب الأمثل، و أن لا يأخذنا الخوف من العواقب ، فنحجم و نسكت عن الخطأ، و أن نبدأ بأنفسنا أولا، فلا تكون بيوتنا من زجاج، و لا نكون كالنجار الذي بابه "مخلوع"، وذلك حتى يكون لنصيحتنا وقع ، لعلنا نساهم في تخفيف مصائب هذا الزمان ، فيكون لنا الاجر و الفضل.
قال أحد الصالحين: (ان أحب عباد الله الى الله: الذين يحببّون الله الى عباده، و يحببّون عباد الله إلى الله، و يسعون في الأرض بالنصيحة).